الكاتب : فريق عمل دفترة
مراجعة : محمد نعيم
ما هي نسب المديونية وبماذا تخبرنا في التحليل المالي
هناك العديد من المؤشرات والأدوات التابعة للتحليل المالي، والتي يمكن من خلالها معرفة المركز المالي الحالي والمستقبلي للشركة، وذلك للمساعدة في رسم السياسات وتنفيذها، ولعل أبرز هذه المؤشرات النسب المالية. ويمكن لتحليل وحساب النسب المالية مساعدة المستثمرين في اتخاذ قرارات مستقبلية، حيث يسعى المستثمر لتحقيق أكبر عائد مالي ممكن مع أقل مخاطرة ممكنة. وقد قسمت النسب المالية لمجموعات، بحيث تعكس كل مجموعة منها جانبًا من جوانب الشركة، فبعضها يعكس وضعية السيولة في المؤسسة، أو كفاءة الإدارة، وهناك نسب أيضًا مختصة بقياس مقدار مديونية المؤسسة، وتسمى نسب المديونية، وهي موضوع مقال اليوم.
تعريف نسب المديونية
هي من أهم أنواع النسب المالية، والتي تعبر عن درجة اعتماد المؤسسة في تمويل أنشطتها وأعمالها التجارية على مصادر التمويل التابعة لها أو على مصادر التمويل الخارجية، أي أنها تقيس مدى الاعتماد على الدين في تمويل الاستثمار مقارنة بالتمويل المقدم من المالكين. وتكمن أهمية نسب المديونية في قدرتها على تحديد مقدار الرافعة المالية (وهي استخدام رأس المال المقترض للقيام بالاستثمارات) التي تستخدمها الشركة، حيث تقوم بالمقارنة بين إجمالي مطلوبات الشركة ورأس مالها، كما تقيس قدرة الشركة أو المؤسسة على تسديد جميع التزاماتها المالية. وتتحكم في هذه النسب كل من رغبة مالك المؤسسة في الاعتماد على مصادر التمويل المقترضة، وذلك لزيادة الأرباح، بجانب رغبة المقرضين أيضًا في تقليل نسبة الإقراض خوفًا من عدم سداد القروض.
بماذا تخبرك نسب المديونية في التحليل المالي
تعبر نسب المديونية عن العلاقة بين إجمالي الديون والأصول، ومن خلال تحليل هذه النسب يمكن لملاك الشركة والمستثمرين تقييم مدى الاستقرار المالي للشركة، كما تخبر هذه النسب المقرضين عن مدى تعرض أموالهم للخطر. وفيما يلي الصيغ التي تخبرنا بها نسب المديونية في التحليل المالي:
نسبة الدين المرتفعة
وهي تعادل النسبة الأكبر من 1، حيث تشير هذه النسبة إلى عجز المؤسسة عن القيام بسداد ديونها والتزاماتها المالية في الوقت المحدد، وذلك لأن المؤسسة تقترض أكثر من اللازم لتمويل الأعمال التشغيلية، بجانب عدم قدرة الأصول على تغطية الديون، وهو ما يعني أن الموارد المالية للمؤسسة في المنطقة الحمراء.
نسبة الديون المنخفضة
وهي تعادل النسبة الأقل من 1، وهي تعني أن أصول المؤسسة وممتلكاتها أكثر من المطلوبات، وذلك لأن رأس المال أكبر من الديون، فلا تحتاج المؤسسة في هذه الحالة إلى الاقتراض لتمويل الأعمال أو الأنشطة.
نسبة الديون المتوسطة
وهي تعادل النسبة 1، وتعني هذه النسبة أن قيمة أصول المؤسسة وديونها متساوية، وفي حالة سداد الديون، يجب عرض جميع أصول المؤسسة للبيع.
أنواع نسب المديونية
تستخدم المؤسسات نسب المديونية كمقياس للاستقرار المالي للشركة، فهي أحد وسائل تقييم إمكانية الاستثمار في المؤسسات من عدمه، فكلما انخفض اعتماد المؤسسة على الديون لتمويل الأصول والأنشطة، قلت المخاطر، والعكس صحيح. وفيما يلي أبرز أنواع نسب المديونية: نسبة تغطية الفائدة تقوم هذه النسبة بقياس مقدار سداد فوائد القروض المتعاقد عليها، وذلك من خلال تحديد عدد المرات التي يمكن من خلالها تغطية الفوائد والديون. فكلما ارتفعت نسبة تغطية الفوائد، كلما كان ذلك أفضل للمؤسسة لسداد جميع الديون والفوائد، والعكس صحيح. وتعبر نسبة 1.5 عن أقل درجات الأمان التي تتمتع بها المؤسسة. وفيما يلي طريقة حساب هذه النسبة: نسبة تغطية الفوائد = صافي الربح التشغيلي + مصاريف الفوائد ÷ مصاريف الفوائد أو الأرباح قبل الفوائد / إجمالي مصروف الفائدة.
نسبة تغطية الرسوم الثابتة
والرسوم الثابتة تشمل الفوائد المدينة ومصاريف التأجير، وغيرها من الأعباء الثابتة التى تتحملها الشركة. وفيما يلي طريقة حساب هذه النسبة: تغطية الرسوم الثابتة = الأرباح قبل الرسوم الثابتة والضرائب ÷ الرسوم الثابتة.
نسبة الديون إلى إجمالي الأصول ( رأس المال)
تعد نسبة ديون الشركة أمرًا ضروريًا لتقييم ما إذا كانت الشركة معرضة لمخاطر مالية، حيث تقوم بتحديد نسبة مساهمة الديون سواء كانت طويلة أو قصيرة المدى في تمويل الأصول. ويتم عرضها كنسبة مئوية من إجمالي الأصول. فإذا كانت نسبة المديونية 100% أو أكثر، فيعد ذلك مؤشرًا أن مديونية الشركة أكبر من أصولها، أما إذا كانت النسبة30% فأقل، فذلك يوضح أن قيمة أصول الشركة أكثر من مديونيتها. وفيما يلي طريقة حساب نسبة الدين: نسبة الدين = إجمالي المطلوبات( مجموع الديون) / إجمالي الأصول.
نسبة الديون إلى حقوق المساهمين
توضح هذه النسبة مجموع الديون والقروض قصيرة أو طويلة المدى، والتي حصلت عليها المؤسسة من المساهمين. أي أنها توضح العلاقة بين قيمة رأس المال الذي قام المستثمر بتوظيفه، وقيمة الديون التي تم الحصول عليها. وكلما كانت تلك النسبة أكبر من 1.5، كلما ارتفعت نسبة المخاطر المُحتملة التي قد تتعرض لها المؤسسة نتيجة الاقتراض، مما سيؤدي لتعرضها للإفلاس. وفيما يلي طريقة حساب هذه النسبة: نسبة الديون إلى حقوق المساهمين = مجموع الديون / مجموع حقوق المساهمين.
نسبة الدين إلى حقوق الملكية
تشير هذه النسبة لإجمالي مساهمة حقوق الملكية مثل رأس المال، الاحتياطات، والأرباح المحتجزة في تمويل الأصول. وفيما يلي طريقة حساب هذه النسبة: نسبة الدين إلى حقوق الملكية = إجمالي الديون / حقوق الملكية.
نسبة تغطية خدمة الدين
تقوم هذه النسبة بتقييم قدرة المؤسسة على سداد كل من الدين الأصلي وجزء من الفائدة أيضًا، وذلك من خلال الأرباح والمبيعات. وكلما ارتفعت هذه النسبة، كلما كان ذلك مؤشرًا على قدرة الشركة على سداد التزامتها المالية. وفيما يلي طريقة حساب هذه النسبة: نسبة تغطية خدمة الدين = التدفق النقدي من الأنشطة التشغيلية / مجموع الديون.
نسبة هيكل رأس المال
يعد هيكل أو تكلفة رأس المال هو تمويل أصول وأنشطة الشركة من خلال الأسهم، أو حقوق الملكية، أو إصدار السندات، أو الاقتراض من البنوك. في حالة التمويل وفقًا للديون والخصوم، فستحتاج الشركة لخدمة الدين من خلال الفوائد المنتظمة والمدفوعات الرئيسية، أما في حالة التمويل وفقًا لحقوق الملكية لن تكون الشركة ملزمة بسداد الفوائد. وفيما يلي طريقة حساب هذه النسبة: نسبة هيكل رأس المال =الديون طويلة الأجل /مصادر التمويل طويلة الأجل+ الأسهم الممتازة+حقوق المساهمين.
كيفية وخطوات حساب نسب المديونية
تعد نسب المديونية أحد الخطوات التي تحدد المركز المالي للشركة، ولذلك يجب مراعاة الدقة في خطوات حساب جميع النسب المالية، ويمكن حساب نسب المديونية شهريًا، أو ربع سنويًا، أو بنهاية كل فترة مالية، وذلك حسب الحاجة. كما يمكن أيضًا لبرامج المحاسبة أتمتة هذه النسب والحسابات، ولكن يظل من المهم أيضًا فهمها. وفيما يلي أبرز خطوات حساب نسب المديونية:
تحديد مجموع الديون الخاصة بك
أي مجموع الديون والالتزامات المالية سواء كانت طويلة أو قصيرة الأجل، وقد تشمل الأجور، أو ديون، بطاقات الائتمان، أو المرافق، أو الفواتير.
تحديد مجموع الأصول
يمكن تحديد مجموع أصول الشركة من خلال مراجعة السجلات المحاسبية وكشوفات الميزانية العمومية، وتشمل هذه الأصول الذمم المدينة والمخزون، وغيرها.
حساب نسبة المديونية
يتم تقسيم مجموع الخصوم على مجموع الأصول، وذلك للحصول على نسبة المديونية، والتي تختلف حسب نشاط كل مؤسسة.
مميزات
اقرأ ايضا: ما هي نسب السيولة وكيف يمكنها تحسين الوضع المالي للشركات
فوائد ومزايا نسب المديونية
تعد أهم أهداف نسب المديونية هي تقييم المركز والمستقبل المالي للشركات، وذلك من خلال المقارنة بين إجمالي مطلوبات الشركة ورأس مال. وفيما يلي أهم مزايا نسب المديونية:
- تساعد نسب المديونية المستثمرين في تحديد إمكانية الاستثمار في الشركة من عدمها، حيث يحتاج المستثمر للتأكد من وجود أصول كافية للشركة لتغطية الخصوم والمطلوبات المالية.
- تعطي هذه النسب لإدارة وملاك الشركة مؤشرات حول إمكانية تطوير أو توسيع أنشطة الشركة، وذلك وفقًا لمقدار الموارد الكافية، حيث تبين هذه النسب مدى قدرة الشركة على سداد الديون، فإذا ارتفعت نسبة الدين، يمكن للإدارة اتخاذ خطوات لتنفيذ تدابير توفير التكاليف.
- تحدد هذه النسب إمكانية الحصول على التمويل من أجل الأنشطة التجارية والعمليات التشغيلية.
- تعد هذه النسب مؤشرًا لتوقع المخاطر المالية وتطبيق سياسات لمواجهتها، بجانب تطبيق أساليب إدارة مالية جيدة للشركات.
- يمكن أن تعطي هذه النسب مؤشرات للمقرضين، لتحديد ما إذا كان بإمكان الشركة سداد القروض أم لا.نتس
عيوب نسب المديونية
بالرغم من أهمية وفوائد نسب المديونية بالنسبة للشركات والمؤسسات، إلا أنها أيضًا تعاني من بعض أوجه القصور، وفيما يلي أبرز عيوب نسب المديونية:
- أحيانًا لا تعطي نسب المديونية تقييمًا دقيقًا أو شاملًا عن حالة المؤسسة أو الشركة، حيث قد تظهر وجود نسبة رافعة مالية عالية، بحيث تبين أن الشركة قد تواجه مخاطر مالية كبيرة، ولكن قد لا يكون هذا هو الحال في الواقع، ولذلك يمكن القول أن نسب المديونية تختلف وفقًا لطبيعة نشاط الشركات.
- لا تبرز الفارق بين أنواع الديون المختلفة أو الشروط التي أٌخِذ القرض على أساسها.
- لا تضع في حسبانها أرباح الشركة ويكون التركيز على الأصول وعائد الاستثمار فقط لتقييم الوضع المالي، وبالطبع قد تكون الشركة تعمل جيدًا وتحقق أرباح متنامية دون أخذ الأمر في عين الاعتبار.
- مع اختلاف قطاعات العمل وباختلاف الشركات؛ تتفاوت نسب المديونية الصحية، وبالتالي ستكون المقارنات ظالمة، إلى جانب اختلاف أوضاع كل الشركة عن الأخرى.
- تغفل نسب المديونية عن نتائج القروض والإجراءات الحالية مستقبليًا! فربما لا يحقق الدين مكسب يجازي قيمته الآن ولكن مع الوقت سيعود على المنشأة بأربح هائلة، لذلك يجدر أن نستعين بتنبؤات المحاسبة الإدارية إلى جانب النسب المالية.
بشكل عام، من الجيد أن نسترشد بنسب المديونية، ولكن ليس جيدًا أن نجعلها المعيار القاطع والوحيد.
ما هي نسب المديونية الجيدة
قد تختلف نسب المديونية كما ذكرنا سابقًا وفقًا لنشاط المؤسسات، ولذلك لا توجد قاعدة أو نسبة عامة مثالية ولكن بشكل عام يمكن القول أنها لا تتجاوز نسبة المديونية رقم 2، وهو يعني أن الشركة لديها 1 وحدة من رأس المال لكل وحدتين من الدين. وهي ما تعادل نسبة 25٪ ، حيث تشير تلك النسبة إلى وجود توازن بين الديون والأصول في تمويل الأعمال والأنشطة.
هل يمكن أن تكون نسب المديونية بالسالب
لا يوجد شيء يعني أن نسب المديونية قد تكون سالبة، ويحدث ذلك نتيجة أخطاء في عمليات التسجيل أو يكون بشكل مؤقت. ويرجع ذلك لوجود بعض الفئات والأصول ذات القيمة الصغيرة، والتي يتم تدوينها في الميزانية العمومية، ولكن لا تشملها عمليات حساب نسب المديونية، وهذا يعني أن إجمالي المطلوبات لن يكون أبدًا أقل من الصفر.
الخلاصة
يجب على الفرد أن ينفق وفقًا لما لديه وأن يقترض وفقًا لما يمكنه سداده، وهذه القاعدة تنطبق أيضًا على المؤسسات والشركات. فالمركز المالي هو أحد أهم المعايير التي تساعد في تقييم وضع ومستقبل الشركات والمؤسسات، ولذلك تُستخدم نسبة الدين لقياس قدرة الشركة على سداد التزاماتها، من خلال المقارنة بين إجمالي مطلوبات الشركة ورأس مالها. فإذا كانت نسبة الدين كبيرة، فهذا يعني أن الشركة تم تمويلها من خلال الديون والقروض أكثر من اللازم، وهو ما يعني أنها معرضة للإفلاس، والعكس صحيح. لذلك يجب تسجيل جميع المطلوبات والموجودات بدقة، وذلك لضمان صحة ودقة عمليات حساب النسب المالية، بما فيها نسب المديونية. مما يساعد في الخروج بنتائج وأرقام صحيحة، تساهم فيما بعد في عملية التقييم الشامل التي تقوم بها عملية التحليل المالي.