تخطيط الموارد البشرية وكيفية القيام به

تتطور المؤسسات يومًا تلو الآخر، قد تلجأ إلى معدات جديدة وأجهزة أكثر تطورًا تسهل عليها عملها، لكن هناك عنصرًا أساسيًا إذا لم تهتم به الشركات فلن تحقق أهدافها ولن تستفيد من التقدم الذي يشهده سوق الأعمال من حولها، هذا العنصر هو مواردها البشرية. لكن ما هو تخطيط الموارد البشرية من الأساس؟ وكيف نضع استراتيجيات لتطويرها؟ هذا ما سنتعرف عليه في المقال التالي.

ما هو تخطيط الموارد البشرية بالمؤسسات؟

يُعرّف تخطيط الموارد البشرية على أنه تنبؤ الإدارة العليا في المؤسسة بالمتطلبات المستقبلية التي ستحتاجها والمتعلقة بالموارد البشرية، فيجب عليها التأكد من وجود الأشخاص المناسبين الذين يتمتعون بالمهارات المطلوبة لسد احتياجات العمل ويعملون في الأماكن المناسبة وفي الوقت المناسب.

ويُعتبر تخطيط الموارد البشرية عملية مستمرة، تعتمد فيها الإدارة على مجموعة كبيرة من البيانات والمعلومات بغرض تطوير أهم ما تمتلكه من أصول -نقصد موظفي الشركة- وتجنب حدوث أي نقص في الموارد البشرية أو تعيين عدد فائض عن احتياجاتها.

وتشمل تلك العملية تحديد احتياجات الشركة من التوظيف والتدريب وبرامج التطوير في الوقت الحالي أو في المستقبل، ومعالجة الفجوات الموجودة في مهارات وقدرات موظفيها ووضع خطط واستراتيجيات لاستقطاب المواهب إليها.

خطوات ومراحل تخطيط الموارد البشرية

إن تخطيط الموارد البشرية هو عملية منظمة تتكون من 5 خطوات أساسية يجب الالتزام بها للحصول على أفضل نتائج ممكنة، وتتمثل تلك الخطوات فيما يلي:

1- تحليل الأهداف العليا للمؤسسة

أولى خطوات العمل على وضع خطة للموارد البشرية في أي مؤسسة هي التعرف على الأهداف طويلة الأجل التي تسعى الإدارة العليا لتحقيقها في المستقبل؛ وذلك لاكتشاف نوعية الموظفين أو العاملين التي ستحتاج إليهم لتحقيق أهدافها.

2- تحليل القوى العاملة الحالية

يجب على إدارة الموارد البشرية أن تلقي نظرة شاملة على موظفي الشركة، وتقييم مهاراتهم وقدراتهم بشكل محايد، مع اكتشاف مدى توافقهم مع أهداف الشركة، لتحصل في النهاية على مجموعة من البيانات الهامة التي تساعدها في المراحل التالية للتخطيط.

3- التنبؤ بالتغيرات المستقبلية

تتسم هذه الخطوة ببعض الصعوبة في تنفيذها، لكن على أي حال قد يساعدك ما جمعته من بيانات حول الموظفين الحاليين على توقع ما ستحتاجه قوتك العاملة في المستقبل، على سبيل المثال قد يساعدك فهم قدرات الموظفين على توقعك بمدى قدرتهم على الوفاء بالتزامات المؤسسة إذا قامت بالتوسع في الإنتاج، كما يمكن أن تتوقع كم عدد الموظفين الذين تحتاج إلى تعيينهم عند اتخاذ قرار بالتوسع مستقبلًا.

4- عملية تحليل الفجوة

بعد أن تعرفت على إمكانيات موظفيك وحددت توقعاتك لما سيحدث في المستقبل، الآن تأتي مرحلة تحليل الفجوة بين كلا الأمرين، ويتضمن ذلك مقارنة قدرات القوى العاملة في الوقت الحالي مع ما تحتاجه من مهارات لتحقيق أهدافك في المستقبل لاكتشاف الفجوات التي ينبغي عليك أن تعمل على سدها.

5- تطوير خطة الموارد البشرية

هنا، يمكنك الاستفادة مما جمعته من بيانات ومعلومات خلال المراحل السابقة، وبالتالي وضع خطة الموارد البشرية الخاصة بمؤسستك، والتأكد من أنها تتفق مع الاستراتيجية العامة للشركة، إلى جانب وضع استراتيجية لجذب المواهب لسد الفجوات الموجودة وخطة تدريب وتطوير الموظفين وتحديث نظام العمل والتقييم وإدارة الأداء وغيرها بما يتوافق مع المعطيات التي جمعتها والأهداف التي تسعى لتحقيقها.

6- المراقبة والمراجعة

بانتهائك من وضع خطة الموارد البشرية فإنك بذلك أتممت نصف الطريق، والآن حان دور مراقبة تنفيذ خطتك ومراجعتها والتحقق من مدى فعاليتها، وذلك من خلال طلب ملاحظات مختلف العاملين بالمؤسسة وتصميم الاستبيانات ومراجعة الأداء لاكتشاف العقبات التي تواجهك ونقاط التطوير التي تسعى للعمل عليها والتأكد من أن الخطة يمكن أن تتكيف مع الاحتياجات المفاجئة التي قد تظهر خلال رحلة العمل.

اقرأ أيضًا: ما هي المقابلات الشخصية و كيفية التحضير لها

ما هي العوامل المؤثرة في تخطيط الموارد البشرية؟

هناك الكثير من العوامل التي يمكن أن تؤثر في عملية تخطيط الموارد البشرية، بعض هذه العوامل قد تكون داخلية وبعضها الآخر تكون عوامل خارجية، ومن أبرز تلك العوامل نذكر ما يلي:

1. الاحتياجات الوظيفية لسد الشواغر المتاحة في مختلف الإدارات بالمؤسسة.

2. الحدود التي تضعها الإدارة العليا فيما يخص الميزانية؛ فعملية تخطيط الموارد البشرية تحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد والأموال.

3. تتأثر عملية التخطيط بمدى احتياج الموظفين الموجودين في الوقت الحالي إلى برامج تدريبية من عدمه؛ لتضيفها إدارة الموارد البشرية في خططتها.

4. التنافس مع الشركات الأخرى في استقطاب الموظفين المتميزين دون الحاجة إلى دفع رواتب باهظة تخالف السياسة المالية للشركة فيما يخص رواتب الموظفين.

5. قد تغير التكنولوجيا المتقدمة ظروف العمل بشكل كامل؛ لذا ينبغي على قسم الموارد البشرية أن يتوقع التغيرات التكنولوجية المستقبلية قدر المستطاع أثناء وضع خطته.

6. الظروف الاقتصادية المتغيرة، فقد يؤدي أي ركود في السوق إلى حدوث مشكلة في المؤسسة تضعف قدرتها على الاحتفاظ بموظفيها المتميزين ودفع رواتبهم بانتظام.

7. كما ينبغي على إدارة الموارد البشرية الاستعداد لحالات الطوارئ بأفضل شكل ممكن، مثلما حدث عندما اجتاح فيروس كورونا «كوفيد 19» العالم أجمع بشكل مفاجئ.

اقرأ أيضًا: أفضل برنامج لإدارة حضور وانصراف الموظفين

أهداف تخطيط الموارد البشرية

تؤدي عملية تخطيط الموارد البشرية أدوارًا هامة في المؤسسات على مختلف الجوانب، ويتمثل أبرزها فيما يلي:

1- تطوير قدرات ومهارات العاملين

يعتبر الهدف الأساسي لإدارة الموارد البشرية في أي مؤسسة هو جذب الموظفين ذوي المهارات المناسبة لأداء العمل بكفاءة وتلبية احتياجات العمل سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل.

ويتطلب ذلك الأمر وضع خطة مُنظمة تقوم من خلالها إدارة الموارد البشرية بتحديد النقاط التي يجب العمل على تطويرها لكل موظف للارتقاء بمستواه المهني وتحسين مهاراته وتعزيز إنتاجيته بما يتناسب مع أهداف المؤسسة بشكل عام.

2- تقليل الفجوات الموجودة أو المحتملة

تساهم عملية تخطيط الموارد البشرية في اكتشاف الفجوات بين ما تحتاجه المؤسسة وما تمتلكه بالفعل على أرض الواقع من موظفين؛ لإيجاد أفضل طريقة لتقليل الفجوة بين الأمرين من خلال برامج التدريب المخصصة أو استقطاب الموظفين ذوي قدرات وخبرات عالية للعمل في المؤسسة.

كما يساعد التخطيط في وضع خطط للتعامل مع الأمور المتوقع حدوثها خلال فترة زمنية محددة مثل وصول مجموعة من الموظفين الأكفاء إلى سن التقاعد وضرورة البحث عن بدائل لهم، وكذلك ما يشهده سوق العمل من تطورات مفاجئة تتطلب تدخلًا واضحًا من إدارة الموارد البشرية بوضع استراتيجية محددة للتعامل مع هذا الأمر الطارئ وتكييفه مع الأهداف العليا للمؤسسة.

3- تعزيز انخراط الموظفين في بيئة العمل

تركز خطط إدارات الموارد البشرية على إيجاد طرق فعالة تعزز من شعور الموظفين بالانتماء إلى المؤسسة بدرجة أكبر، من خلال ربط أهدافهم الفردية بالأهداف العامة للمؤسسة؛ مما يترتب عليه في النهاية زيادة إنتاجيتهم وتعزيز رضاهم عن بيئة العمل، وبالطبع رسم صورة ذهنية إيجابية عن المؤسسة بشكل عام؛ مما يحسن من سمعتها في سوق العمل.

4- خفض التكاليف

إن عملية استقطاب موظفين جدد وتعيينهم وتدريبهم على خطوات العمل وتقبل الأخطاء التي تحدث في بداية العمل حتى يتعرفوا على سياسات المؤسسة بشكل كامل أمر مكلف للغاية. لذلك، تركز أقسام الموارد البشرية في الشركات على كيفية الاحتفاظ بالموظفين لأطول فترة ممكنة من خلال وضع برامج تدريبية تساهم في تطورهم والبحث عن سبل تعزيز رضاهم الوظيفي وإتاحة فرص للترقي في المناصب والتنبؤ بالمتغيرات التي قد تحدث في أي وقت والاستعداد لها بالطريقة المثلى وغيرها.

كل تلك الأمور إن استطاعت إدارة الموارد البشرية القيام به على أكمل وجه سيوفر الكثير من التكاليف التي تتكبدها المؤسسة بسبب تسرب الموظفين بين الحين والآخر.

5- المساعدة في اتخاذ القرارات المستنيرة

يُعد وجود خطة للموارد البشرية عاملًا مساعدًا في اتخاذ الإدارة العليا للقرارات بشكل مستنير في أي موضوع تتعرض له، فعلى سبيل المثال قبل اتخاذ قرار بالتوسع في الإنتاج ستحتاج الإدارة إلى التعرف على مدى قدرة موظفيها الحاليين على الوفاء بالالتزامات الجديدة من عدمه؛ مما قد يدفعها إلى التراجع عن القرار في الوقت الحالي أو تعيين موظفين أكفاء ليقوموا بتلك المهام المستجدة أو التخطيط لتنفيذ القرار على مراحل.

اقرأ أيضًا: ما هو السلم الوظيفي وأهميته وأبرز تحدياته

ما الفرق بين تخطيط القوى العاملة وتخطيط الموارد البشرية؟

يخلط البعض بين مصطلح التخطيط للموارد البشرية وتخطيط القوى العاملة، ويعتبرون أنهما وجهان لعملة واحدة، لكن الحقيقة مختلفة تمامًا، فعملية تخطيط القوى العاملة هي جزء من عملية تخطيط الموارد البشرية الشاملة التي تتضمن إلى جانب تخطيط القوى العاملة أنواعًا مختلفة من التخطيط، مثل: التخطيط الاستراتيجي للموارد البشرية والتخطيط التشغيلي وتخطيط القادة المستقبليين والتخطيط للطوارئ وغيرها.

ويستهدف تخطيط القوى العاملة عملية العرض والطلب على العمالة، وتحليل القوى العاملة التي تمتلكها المؤسسة في الوقت الحالي والتنبؤ باحتياجاتهم المستقبلية والتأكد من أن المؤسسة لديها عدد كافٍ من الموظفين ذوي المهارات المناسبة لشغل المناصب المختلفة.

اقرأ أيضًا: دليل شامل لإدارة الحضور والانصراف

ما هي مشكلات تخطيط الموارد البشرية؟

هناك العديد من المشكلات التي قد تواجه عملية التخطيط للموارد البشرية وبالتالي تؤثر على النتائج بشكل كبير، ومن أبرز المشكلات نذكر ما يلي:

1ـ التوقعات غير الدقيقة

واحدة من أبرز المشكلات التي تؤثر على عملية التخطيط هو عدم قدرة إدارة الموارد البشرية على التنبؤ بما سوف يحتاجه الموظفون في المستقبل، فمن الممكن أن تبالغ الإدارة في التوقعات أو تقلل من حجمها.

لذلك، ينبغي على قسم الموارد البشرية أن يراجع توقعاته بين الحين والآخر، والتأكد من أنها تتوافق مع التغيرات التي يشهدها السوق وأبرز التطورات التي تحدث، والاستعانة بمديري الأقسام الأخرى واستخدام التحليلات لوضع خطط أكثر إحكامًا.

2ـ التغيرات الطارئة في سوق العمل

تشهد مختلف المجالات الاقتصادية تطورات كبيرة ومتعاقبة تمثل عائقًا كبيرًا أمام إدارات الموارد البشرية من أجل تكييف خططها مع تلك التغيرات؛ لذلك ينبغي على إدارات الموارد البشرية أن تضع خططًا مرنةً يمكن تعديلها بين الحين والآخر والاستفادة من التغيرات المفاجئة في التخطيط بشكل أفضل.

3ـ زيادة معدلات دوران الموظفين

غالبًا، تضع إدارات الموارد البشرية الخطط بناءً على ما تمتلكه المؤسسة من موظفين ومدى خبراتهم ومهاراتهم، وتحاول استغلالها بأفضل صورة، لكن إذا زاد معدل دوران الموظفين فإن هذا الأمر يُعد بمثابة مشكلة كبيرة تواجه الخطط الموضوعة.

ولذلك، ينبغي على إدارة الموارد البشرية في أي مؤسسة أن تكون حريصة على وضع نظام مزايا ومكافآت وبرامج تدريب وتطوير تحافظ من خلالها على موظفيها الموهوبين بخاصة مع ازدياد المنافسة في السوق ومحاولة المنافسين جذب الموظفين المتميزين.

4ـ عوائق تجهيز القادة المستقبليين

تجهيز الموظفين المتميزين ليكونوا في مناصب قيادية في المستقبل أمر ليس باليسير، وقد يمثل عائقًا لإدارة الموارد البشرية سواء في اختيار هؤلاء الأشخاص أو التفكير في خطط لتطويرهم بشكل فعال أو استقالة الموظفين بشكل مفاجئ بعد أن يتم إعدادهم مما قد يضيع المجهودات هدرًا؛ لذلك ينبغي على إدارة الموارد البشرية أن تخطط لهذا الأمر بطريقة فعالة ووضع حلول بديلة في حالة حدوث أي أمر غير مخطط له.

اقرأ أيضًا: كيفية حساب رواتب الموظفين

كيف يؤثر تخطيط الموارد البشرية على الأداء؟

يتفق الكثير من مديري الموارد البشرية حول العالم على أن التعاون مع الموظفين خلال أداء العمل والتواصل المستمر معهم وتوجيههم وإرشادهم لإتمام عملهم أمور كافية لتعزيز أداء الموظفين داخل المؤسسة، لكن الأمر يجب ألا يقتصر على مجرد تقارير أداء سنوية، بل ينبغي أن تكون المتابعة مستمرة لمدى تطور مهارات الموظفين في أداء المهام وإبداء ملاحظات فورية تساعدهم على التطور وتحسن أدائهم.

من هم المسؤولون عن تخطيط الموارد البشرية؟

تقع مهمة تخطيط الموارد البشرية على عاتق إدارة الموارد البشرية في الشركة التي تعمل على تحقيق التوافق بين الخطة التي تضعها وأهداف المؤسسة وتتابع تنفيذها خطوة بخطوة.

كيف يساعدك دفترة في تخطيط الموارد البشرية؟

يوفر لك برنامج إدارة شئون الموظفين من دفترة نظامًا متكاملًا لإدارة الموارد البشرية في مؤسستك بفعالية وكفاءة، بداية من تعيين الموظفين وتحديد أدوارهم داخل المؤسسة ومرورًا بمتابعة مواعيد حضورهم وانصرافهم والإجازات التي يحصلون عليها وتحقيق النتائج المرجوة منهم وغيرها؛ مما ييسر عليك مهام إدارة الموارد البشرية في مؤسستك ويعمل كمساعد محترف لك فتوفر الوقت والمجهود وتدير أعمالك بكفاءة واحترافية عالية.

ختامًا، تناولنا في هذا المقال أبرز الموضوعات المتعلقة بعملية تخطيط الموارد البشرية من مختلف جوانبها. ترغب في التعرف على المزيد فيما يتعلق بإدارة الأعمال والموارد البشرية؟ تابع مدونتنا للتعرف على كل ما يفيدك في هذا المجال.